فصل: (سورة الهمزة: آية 1)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

في قوله: {لينبذنّ في الحطمة} بعد {ويل لكل همزة لمزة} مقابلة لفظية رائعة البلاغة فإنه لما وسمه بهذه السمة بصيغة دلّت على أنها راسخة فيه ومتمكنة منه اتبع المبالغة المتكررة في الهمزة واللمزة بوعيده بالنار التي سمّاها الحطمة لما يكابد فيها من هول ويلقى فيها من عذاب واختار في تعيينها صيغة مبالغة على وزن الصيغة التي ضمنها الذنب المقترف حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء فهذا الذي ضري بالذنب جزاؤه هذه الحطمة التي هي ضارية أيضا تحطم كل ما يلقى فيها، قيل نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق وكان من عادته الغيبة والوقيعة وقيل في أمية بن خلف وقيل في الوليد بن المغيرة واغتيابه لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم وغضّه منه ولئن كان السبب خاصّا فإن الوعيد كان عامّا يتناول كلّ من اتّسم بهذه السمة الموهونة ليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه وقد مرّ بحث التعريض وهو عبارة عن أن يكني الإنسان بشيء عن آخر ولا يصرّح به لئلا يأخذه السامع لنفسه ويعلم المقصود منه كقول القائل ما أقبح البخل فيعلم أنك أردت أن تقول له: أنت بخيل، وكقول بعضهم للآخر: لم تكن أمّي زانية، يعرض بأن أمه زانية. والتعريض على كل حال نوع من الكناية ومن أمثلته الشعرية قول الحجّاج يعرض بمن تقدمه من الأمراء:
لست براعي إبل ولا غنم ** ولا بجزار على ظهر وضم

. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الحطمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الهاء في الهمزة واللمزة للمبالغة، و{الذى} يحتمل الجر على البدل، والنصب على إضمار أعنى، والرفع على هو، و{عدده} بالتشديد على أنه فعل إما من العدد أو الأعداد، و{يحسب} حال من الضمير في جمع، و{أخلده} بمعنى يخلده، وقيل هو على بابه: أي أطال عمره.
قوله تعالى: {لينبذن} أي الجامع، وينبذان: أي هو وماله، وينبذن بضم الذال: أي هو وماله أيضا وعدده، ويجوز أن يكون المعنى هو وأمواله لأنها مختلفة.
قوله تعالى: {نار الله} أي هي نار الله، و{التى} رفع على النعت، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب بأعنى، و{الأفئدة} جمع قلة استعمل في موضع الكثرة.
والعمد بالفتح جمع عمود أو عماد وهو جمع، قيل ويقرأ بضمتين مثل كتاب وكتب ورسول ورسل، والتقدير: هم في عمد، ويجوز أن يكون حالا من المجرور أي موثقين، ويجوز أن يكون صفة لمؤصدة، والله أعلم. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة الهمزة:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة الهمزة: آية 1]

{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)}
{وَيْلٌ} مبتدأ مرفوع {لِكُلِّ} خبره {هُمَزَةٍ} مضاف إليه {لُمَزَةٍ} بدل منه والجملة ابتدائية لا محل لها.

.[سورة الهمزة: آية 2]

{الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ (2)}
{الَّذِي} اسم موصول بدل كل من كل {جَمَعَ} ماض فاعله مستتر {مالًا} مفعول به والجملة صلة {وَعَدَّدَهُ} معطوف على ما قبله.

.[سورة الهمزة: آية 3]

{يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3)}
{يَحْسَبُ} مضارع فاعله مستتر {أَنَّ مالَهُ} أن واسمها {أَخْلَدَهُ} ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة خبر أن والمصدر المؤول من أن وما بعدها سد مسد مفعولي يحسب وجملة يحسب.. حال.

.[سورة الهمزة: آية 4]

{كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)}
{كَلَّا} حرف ردع وزجر {لَيُنْبَذَنَّ} اللام واقعة في جواب قسم محذوف ومضارع مبني للمجهول مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونائب الفاعل مستتر والجملة جواب القسم لا محل لها {فِي الْحُطَمَةِ} متعلقان بما قبلهما.

.[سورة الهمزة: آية 5]

{وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)}
انظر سورة القارعة الآية رقم- 3-.

.[سورة الهمزة: آية 6]

{نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)}
{نارُ اللَّهِ} خبر لمبتدأ محذوف ولفظ الجلالة مضاف إليه {الْمُوقَدَةُ} صفة {نار} والجملة بدل من {الحطمة}.

.[سورة الهمزة: آية 7]

{الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)}
{الَّتِي} اسم موصول صفة {نار} {تَطَّلِعُ} مضارع فاعله مستتر والجملة صلة {عَلَى الْأَفْئِدَةِ} متعلقان بالفعل.

.[سورة الهمزة: آية 8]

{إِنَّها عَلَيْهِمْ مؤصدة (8)}
{إِنَّها} إن واسمها {عَلَيْهِمْ} متعلقان بالخبر {مؤصدة} خبر والجملة الاسمية حال.

.[سورة الهمزة: آية 9]

{فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)}
{فِي عَمَدٍ} الجار والمجرور صفة مؤصدة {مُمَدَّدَةٍ} صفة {عمد}. اهـ.

.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة الهمزة:
1534- عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة الْهمزَة أعطَاهُ الله عشر حَسَنَاتبِعَدَد من اسْتَهْزَأَ بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أَخْبرنِي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْفَارِسِي ثَنَا أَبُو عَمْرو إِسْمَاعِيل بن نجيد ثَنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد البوشنجي ثَنَا سعيد ابْن حَفْص قال قرأت عَلَى معقل بن عبيد الله عَن عِكْرِمَة بن خَالِد عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سُورَة ويل لكل همزَة لُمزَة أعطي من الْأجر...» إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

قال ابن المثنى:
سورة الهمزة (104):
بسم الله الرحمن الرحيم
{هُمَزَةٍ} (1) الهمزة الذي يغتاب الناس ويغضّهم.
قال الأعجم:
تدلى بودّي إذا لا قيتنى كذبا ** وإن أغيّب فأنت الهامز الّلمزه

{وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ} (5) فسّرها فقال: {نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} (6) ويقال للرجل الأكول. إنه لحطمة.
{مؤصدة} (8) مطبقة..
{فِي عَمَدٍ} (9) وفى عمد جمع العماد. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الهمزة:
من الحروب التي شنها المجرمون على أصحاب الإيمان حرب السخرية والاستهزاء {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون}. وقد نظمت هذه الحرب في العصور الأخيرة وتخصصت لها صحف! وعند نزول الوحى، كان القاعدون الواجدون من أثرياء مكة وغيرهم، يعقدون المجالس اللاهية ويتناولون المسلمين بالغمز واللمز، فنزلت هذه السورة {ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده}. والهمز واللمز تناول الغير بالإشارة أو العبارة، تارة بالكلام، وتارة بحركة العين والشفتين، وفى بعض الصحف بالرسم الهزلى واختلاق حركات ذات سخف. وهؤلاء الساخرون أهل بطالة يعيشون في ظلال أموالهم أو مما تصرفه لهم جهات مريبة. الويل لهؤلاء في الدنيا والآخرة. يقول الله في هذا الساخر: {كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة}. أي تكوى القلوب {إنها عليهم مؤصدة}. كالعلبة المغلقة على ما بها.
{في عمد ممددة}. قاعدة هذا السجن أعمدة ذاهبة في الطول ينتشر العذاب فيها كلها. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.تفسير الآيات (1- 9):

قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مؤصدة (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
{بسم الله} الذي له تمام العز وهو الحكم العدل (الرحمن) الذي عم ظاهر نعمته أهل البخل وأولي البذل (الرحيم) الذي أتم نعمته على من شاء من عباده فخصهم بالفضل.
لما بين الناجين من قسمي الإنسان في العصر، وختم بالصبر، حصل تمام التشوف إلى أوصاف الهالكين، فقال مبينًا لأضلهم وأشقاهم الذي الصبر على أذاه في غاية الشدة ليكون ما أعد له من العذاب مسلاة للصابر: {ويل} أي هلاك عظيم جدًا {لكل همزة} أي الذي صار له الهمز عادة لأنه خلق ثابت في جبلته وكذا {لمزة} والهمز الكسر كالهزم، واللمز الطعن- هذا أصلهما، ثم خصا بالكسر من أعراض الناس والطعن فيهم، وقال ابن هشام في تهذيب السيرة: الهمزة الذي يشتم الرجل علانية، ويكسر عينيه عليه ويهمز به، واللمزة الذي يعيب الناس سرًا- انتهى.
وقال البغوي: وأصل الهمز الكسر والعض على الشيء بالعنف، والذي دل على الاعتياد صيغة فعل بضم وفتح كما يقال ضحكة للذي يفعل الضحك كثيرًا حتى صار عادة له وضرى به، والفعلة بالسكون للمفعول وهو الذي يهمزه الناس ويلمزونه، وقرئ بها وكأنه إشارة إلى من يتعمد أن يأتي بما يهمز به ويلمز به فيصير مسخرة يضحك منه- والله أعلم.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما قال سبحانه وتعالى: {إن الإنسان لفي خسر} أتبعه بمثال من ذكر نقصه وقصوره واغتراره، وظنه الكمال لنفسه حتى يعيب غيره، واعتماده على ما جمعه من المال ظنًا أنه يخلده وينجيه، وهذا كله هو عين النقص، الذي هو شأن الإنسان، وهو المذكور في السورة قبل، فقال تعالى: {ويل لكل همزة لمزة} فافتتحت السورة بذكر ما أعد له من العذاب جزاء له على همزه ولمزه الذي أتم حسده، والهمزة العياب الطعان واللمزة مثله، ثم ذكر تعالى ماله ومستقرة بقوله: {لينبذن في الحطمة} أي ليطرحن في النار جزاء له على اغتراره وطعنه- انتهى.
ولما كان الذي يفعل النقيصة من غير حاجة تحوجه إليها أقبح حالًا وكان المتمول عندهم هو الرابح، وهم يتفاخرون بالربح ويعدون الفائز به من ذوي المعالي، قال مقيدًا لـ: {كل} بالوصف مبينًا الخاسر كل الخسارة: {الذي جمع} ولما كان مطلق الجمع يدل على الكثرة جاء التشديد في فعله لأبي جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي، وخلت تصريحًا بما علم تلويحًا ودلالة على أن المقصود به من جعل الدنيا أكبر همه، والتخفيف لمن عداهم اكتفاء بأصل مدلوله بخلاف عدد، فإن مجرده يكون لما قل، ولهذا أجمعوا على التضعيف فيه: {مالًا} أي عظيمًا، وأكد مراد الكثرة بقوله: {وعدده} أي جعله بحيث إذا أريد عدده طال الزمان فيه وكثر التعداد، أو ادخره وأمسكه إعدادًا لما ينوبه في هذه الدنيا المنقضية، وزاده قيدًا آخر في بيان حاله فقال: {يحسب} لقلة عقله {أن ماله} أي ذلك الذي عدده {أخلده} أي أوصله إلى رتبة الخلد في الدنيا، فأحب ذلك المال كما يحب الخلود، ويجوز أن يكون ذلك كناية عن أنه عمل- بانهماكه في المعاصي والإعراض عن الله عز وجل والإقبال على التوسع في الشهوات والأعراض الزائلات- عمل من يظن أنه لا يموت، ويجوز أن يكون استئنافًا، وفيه تعريض بأنه لا يفيد الخلد إلا الأعمال الصالحة المسعدة في الدار الآخرة.
ولما كان هذا الحسبان لشدة وهيه وبيان ضعفه لا يحتاج إلى إقامة دليل على فساده، اكتفى فيه بأداة الردع الجامعة لكل زجر فقال: {كلا} أي لا يكون ما حسبه لأنه لا يكون له ما لا يكون لغيره من أمثاله بل يموت كما مات كل حي مخلوق.
ولما كان كأنه قيل: فما الذي يفعل به بعد الموت؟ قال مقسمًا دالًا باللام الداخلة على الفعل على القسم: {لينبذن} أي ليطرحن بعد موته طرح ما هو خفيف هين جدًا على كل طارح كما دل عليه التعبير بالنبذ وبالبناء للمفعول {في الحطمة} أي الطبقة من النار التي من شأنها أن تحطم أي تكسر وتهشم بشدة وعنف كل ما طرح فيها فيكون أخسر الخاسرين، وعبر بها في مقابلة الاستعداد بالمال الحامل على الاستهانة بالخلق، قال الأستاد أبو الحسن الحرالي: فلمعنى ما يختص بالحكم يسمي تعالى باسم من أسمائها من نحو جهنم فيما يكون مواجهة ومن نحو الحطمة فيما يكون جزاء لقوة قهر واستعداد بعدد، ونحو ذلك في سائر أسمائها، وعظم شأنها سبحانه وتعالى بقوله: {وما أدراك} أي وأيّ شيء أعلمك ولو بمحاولة منك للعلم واجتهاد في التعرف مع كونك أعلم الخلق {ما الحطمة} أي ما الدركة النارية التي سميت هذا الاسم لهذه الخاصية فإنه ليس في الوجود الذي شاهدتموه ما يقاربها ليكون مثالًا لها، ثم فسرها بقوله: {نار الله} أي الملك الأعظم الذي عدل المشركون عنه إلى شركائهم، فعظمة هذه النار من عظمته، وانتقامه من نقمته {الموقدة} أي التي وجد وتحتم إيقادها بإيقاده، ومن الذي يطيق محاولة ما أوقده؟ فهي لا يزال لها هذا الاسم ثابتًا.
ولما وصف الهامز الهازم، وصف الحاطم فقال تعالى: {التي} ولما كان لا يطلع على أحوال الشيء إلا من قبله علمًا قال: {تطلع} اطلاعًا شديدًا {على الأفئدة} جمع فؤاد وهو القلب الذي يكاد يحترق من شدة ذكائه، فكان ينبغي أن يجعل ذكاءه في أسباب الخلاص، واطلاعها عليه بأن تعلو وسطه وتشتمل عليه اشتمالًا بالغًا، سمي بذلك لشدة توقده، وخص بالذكر لأنه ألطف ما في البدن وأشده تألمًا بأدنى شيء من الأذى، ولأنه منشأ العقائد الفاسدة ومعدن حب المال الذي هو منشأ الفساد والضلال، وعنه تصدر الأفعال القبيحة.
ولما كان الاطلاع على الفؤاد مظنة الموت، وفي الموت راحة من العذاب، أشار إلى خلودهم فيها وأنهم لا يموتون ولا ينقطع عنهم العذاب، فقال مؤكدًا لأنهم يكذبون بها: {إنها} وأشار إلى قهرهم وغلبتهم فقال: {عليهم} وآذن بسهولة التصرف في تعذيبهم وانقطاع الرجاء من خلاصهم بقوله معبرًا باسم المفعول: {مؤصدة} أي مطبقة بغاية الضيق، من أوصدت الباب- إذا أطبقته.
ولما كانت عادتهم في المنع من التصرف أن يضعوا خشبة عظيمة تسمى المقطرة فيها حلق توثق فيها الرجل، فلا يقدر صاحبها بعد ذلك على حراك، قال مصورًا لعذابهم بحال من ضمير {عليهم}: {في} أي حال كونهم موثقين في {عمد} بفتحتين وبضمتين جمع عمود {ممددة} أي معترضة كأنها موضوعة على الأرض، فهي في غاية المكنة فلا يستطيع الموثق بها على نوع حيلة في أمرها فهو تأكيد ليأسهم من الخروج بالإيثاق بعد الإيصاد، وهذا أعظم الويل وأشد النكال، فقد رجع آخرها إلى أولها، وكان لمفصلها أشد التحام بموصلها- والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب. اهـ.